نص كان الكتاب مفتوحا
"إليك ما كنت تحلم فيه. اللاشيء وقد استولى على حياتك. لقد اختزلها على هيئة حلزون يمشي المتر الأخير من حياته، محمولاً على خطى وصيته". كان حلماً فلوبيرياً، وصدّقته، بل ونسجتُ من سطوره بيتاً للعنكبوت الذي سيّج بخيوط بيته حياتي. سأعترف بأنني لم أجد التعريف المناسب لما كنت أسعى إليه. فـ"اللاشي" كان يقع خارج كل ما كنت أقبض عليه. كان عليَّ أن استخرجه من الرمل، لكن من غير أن يكون حصاة. من الماء من غير أن يكون كائناً بحرياً. لكي يكون اللاشيء موجوداً، عليه أن يتخلى عن ذريعة وجوده، زمنه الذي يمشي بدقيقتين من الرخام، مكانه الذي يضع حجراً من الدمع على حجر من الصمت ليسند ظهره عليهما ويضحك في مواجهة المجرّات. سأكون على خطأ لو قلت لك أن ذلك اللاشيء كان قد خذلني في السباق. لم يكن حصاني اميراً لكي يلتهم حشائش من ماس أخضر. كان هواؤه حراً مثل ذيله، وكان يسبق الحقول إلى زقزقة عصافيرها. "هل مشطتَ أسنانك بالنسيم، بحيث صار صفيركَ ينثني مثل جناحي حمامة؟". لا بأس أن أخبركَ بأني رأيتُ ذات مرة طرفاً من الله. لن تصدّق. أنا مثلكَ لن أصدّق لو أخبرني أحدهم الحكاية نفسها. غير أن ما أخبرتك...